في وقت تتسابق فيه شركات التقنية الكبرى لإطلاق أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة، كانت آبل تبدو وكأنها متأخرة عن الركب. لا روبوت دردشة، ولا مولد صور، ولا تطبيق ذكاء اصطناعي على متجرها. لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. آبل كانت تعمل بصمت على مشروع سري منذ 2022، يُعرف داخليًا باسم Apple GPT. فما الذي حدث؟ ولماذا اختفى هذا الاسم ليظهر بدلًا منه مفهوم Apple Intelligence؟
بداية القصة: Apple GPT كان مجرد البداية
خلال عام 2023، كشف تقرير من وكالة Bloomberg أن آبل تطور نموذج ذكاء اصطناعي خاص بها، يحمل اسمًا داخليًا هو Apple GPT. المشروع كان مبنيًا على إطار عمل داخلي يدعى Ajax، وهو بنية ذكاء اصطناعي تعتمد على تقنيات مشابهة لما تستخدمه جوجل في نماذجها اللغوية الكبيرة.
لكن على عكس ما فعله منافسوها مثل OpenAI وGoogle، لم تُطلق آبل أي منتج علني تحت هذا الاسم. فقد استخدمت Apple GPT داخليًا فقط، خاصة في أقسام الدعم الفني وتجريب الميزات الذكية، دون توفيره للمستخدمين.
اقرأ أيضا: الميزات الجديدة من Apple Intelligence القادمة في iOS 18.4
الذكاء الاصطناعي من آبل : من السرية إلى الإعلان الرسمي
في يونيو 2024، وخلال مؤتمر المطورين العالمي WWDC، فاجأت آبل الجميع بالإعلان عن منظومة ذكاء اصطناعي جديدة كليًا تحت اسم Apple Intelligence. هذا الاسم لم يأتِ من فراغ، بل كان تتويجًا لسنوات من العمل السري على Apple GPT وAjax، لكنه جاء بصيغة أكثر نضجًا وتركيزًا على المستخدم العادي.
ما يميز الذكاء الاصطناعي من آبل أنه ليس مجرد روبوت دردشة مثل ChatGPT، بل مجموعة من الميزات الذكية المدمجة مباشرة في نظام iOS 18 وmacOS Sequoia. من تحسين Siri إلى أدوات كتابة ذكية وتوليد صور، تهدف Apple Intelligence إلى جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا طبيعيًا من تجربة المستخدم.
والأهم من ذلك، أن كل هذه القدرات تتم ضمن إطار الخصوصية الصارم الذي تشتهر به آبل، مما يمنح المستخدمين الثقة بأن بياناتهم تبقى على أجهزتهم.
ما الذي تقدمه Apple Intelligence فعليًا؟
آبل لم تطلق روبوت دردشة مثل ChatGPT، لكنها دمجت تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل التطبيقات التي يستخدمها الناس يوميًا. مع Apple Intelligence، أصبح بإمكان المستخدم:
كتابة رسائل البريد الإلكتروني بسرعة بفضل ميزة “إعادة الصياغة”.
تلخيص المقالات أو الملاحظات الطويلة بلمسة واحدة.
توليد صور مخصصة عبر ميزة “Image Playground“.
استخدام مساعد Siri بصيغة أكثر طبيعية وذكاءً، حيث يمكنه الآن فهم السياق وربط المعلومات من تطبيقات متعددة.
كل هذه الميزات تهدف إلى جعل التكنولوجيا تعمل لصالح المستخدم دون تعقيد أو تدخل مباشر في الخصوصية. إذًا، يمكن القول إن Apple Intelligence ليست مجرد أداة، بل “أسلوب جديد” لاستخدام الجهاز.
هل ما زال Apple GPT موجودًا؟
من الناحية التقنية، مشروع Apple GPT لم يُلغَ تمامًا، لكنه أصبح جزءًا من البنية الأساسية التي بُنيت عليها Apple Intelligence. آبل لم تطلق Apple GPT كخدمة مستقلة، بل استغلت ما تم تطويره في Ajax ونقلته إلى مرحلة جديدة.
وهذا الأسلوب يُعبّر كثيرًا عن فلسفة آبل: التركيز على “المنتج النهائي المتكامل”، بدلًا من تقديم أداة عامة قد تتعارض مع نهجها في الخصوصية أو التصميم البسيط.
كيف تختلف Apple Intelligence عن ChatGPT؟
الفرق الأساسي يكمن في الهدف:
ChatGPT هو روبوت دردشة شامل يمكن استخدامه عبر الويب والتطبيقات، ومناسب للإبداع والبحث والمحادثة.
أما Apple Intelligence، فهو ذكاء اصطناعي يعمل “في الخلفية” لمساعدة المستخدم أثناء استخدامه اليومي للجهاز.
آبل اختارت نهجًا مختلفًا: لا منافسة مباشرة، بل تكامل ذكي وهادئ. والملفت أنها حتى فتحت الباب لاستخدام ChatGPT داخل Siri، مما يدل على أن Apple Intelligence لا تسعى للهيمنة، بل لدمج الأفضل.
مستقبل Apple Intelligence
من المتوقع أن يتوسع النطاق بشكل كبير خلال السنوات القادمة. من المحتمل أن نراه مدمجًا في تطبيقات الصور، والموسيقى، وربما حتى في أجهزة Vision Pro أو Apple Watch.
تعمل آبل حاليًا على تدريب نماذجها الخاصة محليًا على الأجهزة الجديدة المدعومة بشريحة Apple Silicon، مما قد يتيح ميزات أكثر تقدمًا دون الحاجة للاتصال الدائم بالإنترنت.
اقرأ أيضا: ما الذي تحضّره Apple في تحديث Apple Intelligence 2.0؟ إليك أبرز التوقعات
الخلاصة: Apple GPT انتهى كاسم… لكنه يعيش في Apple Intelligence
ما بدأ كمشروع داخلي غامض تحت اسم Apple GPT، أصبح اليوم منظومة متكاملة اسمها Apple Intelligence. وهو تطور طبيعي يعكس فلسفة آبل في تقديم تقنيات قوية دون تعريض المستخدم للتعقيد أو المخاطر الأمنية.
سواء كنت من محبي Siri أو ممن يستخدمون أجهزة آبل يوميًا للعمل والدراسة، فإن Apple Intelligence سيتسلل تدريجيًا إلى تجربتك، ليجعلها أسرع، أذكى، وأكثر خصوصية.
Views: 4