back to top

نموذج Falcon Arabic: أول ذكاء اصطناعي عربي بمواصفات عالمية وتفوّق على GPT؟

الذكاء الاصطناعي بلغة الضاد – خطوة إماراتية تهز العالم

إذا كنت تعتقد أن الذكاء الاصطناعي حكرٌ على الشركات الأميركية أو الصينية، فإن الإمارات تغيّر قواعد اللعبة. فقد كشفت عن نموذج Falcon Arabic، أول نموذج لغوي مفتوح المصدر مصمم خصيصًا للغة العربية ولهجاتها، بقدرات مذهلة جعلته يتفوق على نماذج عالمية أكبر منه حجمًا وأكثر منه شهرة. ولأول مرة، نشهد نموذجًا لغويًا عربيًا لا يعتمد على الترجمة أو النقل، بل على بيانات عربية أصيلة، تشمل اللغة الفصحى واللهجات اليومية.

هذا النموذج ليس مجرد أداة جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي، بل خطوة استراتيجية تمثل لحظة تحول في كيفية تفاعل المستخدم العربي مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد صرّح الدكتور فيصل البناي، المستشار الإماراتي للأمن التكنولوجي، أن هذه الخطوة تأتي في إطار “السيادة التقنية” للعالم العربي، وتهدف إلى تقديم نموذج AI يتحدث لغة العرب، ويفهم ثقافتهم وسياقاتهم بدقة.

تم تطوير نموذج Falcon Arabic من قِبل معهد الابتكار التكنولوجي (TII) في أبوظبي، بالتعاون مع مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة (ATRC)، وتم بناؤه على نسخة Falcon 3B/7B، وهي نماذج صغيرة الحجم ولكن ذات أداء عالي جدًا. والمثير للاهتمام، أن النموذج تم تدريبه على مجموعة ضخمة من البيانات العربية الأصلية غير المترجمة، ما يمنحه فهمًا طبيعيًا وسلسًا للغة، ويجعله أداة قادرة على الحوار، الكتابة، والتحليل بلغتنا الأم.

 أداء مذهل مقارنة بالنماذج العالمية

وفقًا لنتائج منصة Open Arabic LLM Leaderboard، تفوق نموذج Falcon Arabic على نماذج أكبر بكثير مثل Mistral وLLaMA وQwen، حيث حقق نتائج مذهلة في اختبارات الفهم، الترجمة، والإجابات السياقية. والفضل في ذلك يعود إلى نظام التوكنيزر الجديد الذي طوره الفريق، والذي يضم أكثر من 32 ألف رمز عربي محسّن، ليضمن أداءً أكثر دقة واستجابة أسرع في المحادثات النصية.

أما الجانب التقني، فقد تم تعزيز النموذج عبر تقنيات SFT (التدريب الخاضع للإشراف) وDPO (التحسين القائم على التفضيل)، مما جعله أكثر توافقًا مع ما يتوقعه المستخدم العربي في الحوار والردود. هذه التعديلات جعلت من Falcon Arabic نموذجًا ليس فقط ذكيًا، بل أيضًا ودودًا وسهل التفاعل.

 مشروع يتجاوز البرمجة… نحو السيادة الرقمية

ما يجعل إطلاق نموذج Falcon Arabic لحظة تاريخية، ليس فقط في كونه نموذجًا قويًا، بل لأنه أول مبادرة عربية جادة لتثبيت الحضور التقني العربي في سباق الذكاء الاصطناعي. في السابق، كانت جميع المحاولات تقتصر على استخدام نماذج مترجمة أو معالجة بيانات عربية عبر أدوات أجنبية. أما اليوم، فنحن أمام نموذج تم تدريبه من الصفر بلغتنا، ويمثل طفرة في بناء مكتبة رقمية عربية تلبي احتياجات الباحثين، المطورين، وحتى المستخدمين العاديين.

وقد أعلن الفريق المطور أنه سيتم توفير نموذج Falcon Arabic مفتوح المصدر للمطورين، ما يفتح المجال أمام الشركات العربية الناشئة والمؤسسات التعليمية لتطوير تطبيقات ذكية تستهدف الجمهور العربي بدقة غير مسبوقة. وهذا القرار يأتي ضمن التوجه العام في الإمارات لدعم البنية التحتية الرقمية من خلال مشاريع ضخمة مثل صندوق MGX وصندوق G42 الداعم للابتكار.

 دعم لغوي شامل وتحالفات دولية

من الأمور المميزة أيضًا أن النموذج الجديد يدعم مئات الآلاف من التوكنز (الوحدات النصية)، مما يجعله قادرًا على قراءة النصوص الطويلة واستيعابها بفعالية. كما يتمتع بمرونة كبيرة في التعامل مع اللهجات الخليجية والمصرية والشامية، الأمر الذي لم نره في أي نموذج سابق. وبدلًا من التركيز فقط على الفصحى، تم تطوير النظام ليتفاعل مع اللغة كما تُنطق وتُستخدم فعليًا في الحياة اليومية.

هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة تعاون مع مؤسسات بحثية وتقنية عالمية، منها مؤسسة بيل وميليندا غيتس التي تبنّت استخدام Falcon Arabic في مشروع AgriLLM، لمساعدة المزارعين في البلدان النامية على تحسين الإنتاج الغذائي عبر الذكاء الاصطناعي.

 Falcon H1 – نموذج صغير بقدرات جبارة ينافس الكبار

إلى جانب الإعلان عن نموذج Falcon Arabic، كشفت الإمارات عن نموذج آخر لا يقل أهمية، وهو Falcon H1. هذا النموذج يأتي بأحجام متعددة تبدأ من 500 مليون باراميتر فقط، وتصل إلى 34 مليار باراميتر، وهو مصمم ليقدم أداءً فائقًا حتى على الأجهزة ذات الموارد المحدودة.
الملفت في Falcon H1 هو أنه لا يعتمد فقط على هندسة “Transformer” التقليدية، بل يجمعها مع بنية SSM الجديدة (ممثلة في تقنية Mamba)، مما يمنحه سرعة استجابة أعلى، واستهلاكًا أقل للذاكرة، وقدرة كبيرة على التعامل مع المهام المعقدة.

الهدف من Falcon H1 هو توفير نموذج ذكاء اصطناعي جاهز للتنفيذ الفوري (Ready-to-use)، ويمكن نشره على البنى التحتية المتنوعة، سواء كانت سحابية أو محلية، دون الحاجة لتعديلات كبيرة أو موارد ضخمة. وهذا يجعل منه خيارًا مثاليًا للشركات الناشئة والمؤسسات التعليمية وحتى التطبيقات الحكومية.

بفضل هذه المواصفات، استطاع النموذج تحقيق أداء متفوق على منافسيه المباشرين مثل LLaMA 3 وQwen 2 وGemma، خصوصًا في اختبارات الترجمة والتحليل والاستنتاج المنطقي، رغم أنه أصغر منهم حجمًا.

 تحالفات ذكية مع NVIDIA وتقنيات الجيل القادم

من أبرز عوامل تفوق Falcon H1 هو تكامله الكامل مع بنية NVIDIA الجديدة، حيث يمكن تشغيله عبر أدوات مثل NeMo وTensorRT‑LLM وvLLM، مما يسمح للمطورين بتشغيل النموذج بكفاءة عالية على معالجات GPU الحديثة مثل H100 وA100 وRTX 5000.
وقد أعلنت TII أنها تعمل على نسخة محسّنة من النموذج بتوافق كامل مع خوادم DGX H100، مما يعني أن أداء Falcon H1 لن يكون فقط نظريًا، بل فعليًا على أرض الواقع، وفي المؤسسات الكبرى.

ويأتي هذا ضمن خطة الإمارات لتقليل الاعتماد على النماذج المغلقة مثل GPT من OpenAI أو Claude من Anthropic، وبناء نماذج مفتوحة المصدر تخدم السوق المحلي والإقليمي وتوفر مرونة في التخصيص والتكامل.

التطبيقات الفعلية – من التعليم إلى الزراعة والطب

كل هذه الابتكارات لا تبقى فقط على مستوى المعامل، بل بدأت في دخول الاستخدامات الفعلية. فقد تم الإعلان عن توظيف نموذج Falcon Arabic في مشاريع حقيقية، مثل:

  • AgriLLM: لمساعدة المزارعين في تحليل التربة وتحديد أوقات الري المثلى بلغتهم الأم.

  • مساعد ذكي في التعليم: يمكن تخصيصه لمستويات تعليمية مختلفة باللهجات المحلية.

  • خدمة العملاء والمؤسسات الحكومية: لتقليل الاعتماد على الموظفين، وتحسين تجربة المستخدم بشكل فوري.

كما يجري العمل على تطوير نسخة خاصة من النموذج لاستخدامه في المجال الطبي باللغة العربية، تشمل تحليل السجلات الطبية والتوصيات الأولية للحالات البسيطة.

 ختام – نموذج Falcon Arabic هو أكثر من نموذج… إنه رؤية

عند النظر إلى مشروع Falcon بشكل عام، نلاحظ أنه ليس مجرد مبادرة تقنية، بل رؤية واضحة لتمكين العالم العربي من امتلاك أدواته المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي.
لقد بدأت الإمارات برسم طريق جديد، يجعل من اللغة العربية عنصرًا أصيلاً في مشهد التقنية العالمي، بدلًا من كونها مجرد لغة ثانوية.

البيانات التي تم استخدامها في تدريب نموذج Falcon Arabic ليست فقط قوية، بل تم اختيارها بعناية لتشمل التنوّع الثقافي العربي، من الخليج إلى المغرب، ومن الصحافة إلى النصوص الأدبية. ولهذا أصبح هذا النموذج قادرًا على فهم المستخدم العربي بشكل لم تقدمه أي أداة أخرى من قبل.

هذا الإنجاز يجب أن يكون نقطة انطلاق لكل باحث ومطور عربي. فالعالم لم يعد ينتظر، ومن يملك أدوات الذكاء الاصطناعي اليوم، يملك المستقبل. ونموذج Falcon Arabic هو الأداة التي كنا ننتظرها، وربما أكثر.

Views: 8

اخر المستجدات

مقالات ذات صلة

احذر من أدوات الذكاء الاصطناعي المزيفة – برمجية Noodlophile تسرق بياناتك بطريقة ذكية

تم الكشف عن حملة سيبرانية خطيرة تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي المزيفة لخداع المستخدمين وسرقة بياناتهم الشخصية، عبر مواقع توليد فيديو وهمية. برمجية Noodlophile الجديدة تنفّذ هجماتها بذكاء، وتخترق الأجهزة دون أن يشعر المستخدم. تعرّف على طريقة الهجوم وكيفية الحماية.

MotionGlot: نموذج ذكاء اصطناعي يترجم الأوامر النصية إلى حركات روبوتية بطريقة تشبه ChatGPT

أعلنت جامعة براون عن MotionGlot، نموذج ذكاء اصطناعي فريد يحول الأوامر النصية مثل "المشي والانحناء" إلى حركات فعلية تنفذها الروبوتات أو الأجسام الافتراضية، عبر ترجمة حركية متقدمة تشمل البشر، الكلاب، والروبوتات متعددة الأرجل.

OpenAI تُطلق موصل GitHub لميزة “البحث العميق” في ChatGPT – ثورة جديدة لمطوري البرمجيات

موصل GitHub في ChatGPT: أداة OpenAI الجديدة لتحليل الأكواد وتفكيك المشاريع البرمجية بذكاء اصطناعي في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي وتسهيل حياة...

OpenAI تطلق نموذج الذكاء الاصطناعي الرائد GPT-4.1

GPT-4.1: تحسينات كبيرة في البرمجة، وفهم التعليمات، والتعامل مع السياقات الطويلة أعلنت شركة OpenAI عن إصدار GPT-4.1 ، الذي يضم تحسينات كبيرة في مجالات البرمجة،...
WordPress Cookie Plugin by Real Cookie Banner