ي عالم تغزوه الشاشات والتواصل عن بُعد، تظهر Google مجددًا لتقلب المفاهيم عبر شراكتها مع HP، معلنةً عن نقلة نوعية في تجربة الاتصال المرئي. هذه القفزة ليست مجرد تحسين تقني، بل إعادة اختراع شاملة لمفهوم مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد. مع جهاز Google Beam، أصبح الحضور الحقيقي في الاجتماع أمرًا ممكنًا، دون نظارات أو تجهيزات واقع افتراضي.
ما هو Google Beam؟
Google Beam هو ثمرة تطوير مشروع Starline الذي بدأته Google منذ سنوات. الفكرة بسيطة في ظاهرها، لكنها ثورية في جوهرها: إنشاء تجربة تواصل ثلاثي الأبعاد واقعية تمامًا، وكأن الطرف الآخر يقف أمامك. ويحدث ذلك من خلال شاشة عرض ضوئية متقدمة من HP مدعومة بـ 6 كاميرات عالية الدقة، تلتقط المستخدم من جميع الزوايا.
هذه التقنية تستهدف الشركات والمؤسسات الكبرى، وتعد بداية حقبة جديدة من مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد التي تتيح حضورًا بصريًا وصوتيًا يشعر فيه المستخدمون وكأنهم في غرفة واحدة فعلًا.
كيف تعمل التقنية؟
تعتمد Google Beam على الذكاء الاصطناعي لإنشاء نموذج مجسم ثلاثي الأبعاد لكل مشارك في المكالمة، من خلال دمج تدفقات الفيديو وتحليل العمق والضوء والتفاصيل الحركية.
أما العرض، فيتم من خلال شاشة خاصة بتقنية “الحقل الضوئي” التي تعرض الصورة المجسمة دون الحاجة لأي نظارات أو أدوات إضافية، ما يجعل التفاعل سلسًا وطبيعيًا.
ومن أبرز مزايا Google Beam الصوت المكاني، الذي يتماشى مع حركة الشخص ومكانه، مما يضيف واقعية سمعية تدعم تجربة مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد بشكل يفوق ما اعتدناه في التطبيقات التقليدية.
لماذا الآن؟
أوضحت Google أن الهدف من هذه التقنية ليس فقط استعراض القوة، بل حل مشكلة حقيقية يعاني منها العالم الرقمي اليوم: فقدان اللمسة الإنسانية.
مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد تتيح تواصلًا أعمق، وفهمًا أكبر للإشارات غير اللفظية، وتعزز الثقة بين الفرق، خصوصًا في بيئات العمل عن بُعد.
الاستخدامات الواقعية: من الاجتماعات إلى التعليم والرعاية الصحية
منذ الإعلان عن Google Beam، بدأت شركات عالمية مثل Salesforce وDeloitte وDuolingo اختبار هذه التكنولوجيا الجديدة ضمن بيئات العمل الخاصة بها. وقد أظهرت النتائج الأولية أن مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد تقلل من إرهاق الاجتماعات الطويلة وتزيد من التفاعل بين الفرق.
في مجال التعليم، توفر هذه التقنية فرصة لإعادة إحياء الصفوف الافتراضية. بدلاً من مشاهدة المعلم على شاشة مسطحة، يستطيع الطلاب رؤية معلميهم في شكل ثلاثي الأبعاد، والتفاعل معهم كما لو كانوا في قاعة درس حقيقية. هذه التجربة أثبتت فعاليتها في بناء علاقة أوثق بين الطالب والمعلم.
وفي القطاع الصحي، يمكن للطبيب تقييم حالات المرضى عن بعد بشكل أكثر دقة من خلال ملاحظة تعابير الوجه ولغة الجسد، مما يجعل مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد مثالية للاستشارات النفسية والعصبية على وجه الخصوص.
التوفر والشراكات التجارية
وفقًا لتصريحات رسمية، سيتم تقديم Google Beam في البداية للشركات الكبرى، من خلال شراكة بين Google وHP التي تولّت تصنيع الأجهزة المتخصصة بهذه التقنية. من المتوقع الكشف عن النسخة التجارية الأولى خلال مؤتمر InfoComm في يونيو 2025، على أن تتوفر لاحقًا عبر قنوات بيع محددة.
رغم عدم إعلان السعر الرسمي حتى الآن، تشير التوقعات إلى أن الجهاز سيكون بأسعار قريبة من أنظمة الاجتماعات الاحترافية، لكنه يقدم قفزة نوعية في الجودة والتجربة، ما يجعل من مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد خيارًا استثماريًا جذابًا للعديد من القطاعات.
مستقبل التواصل الرقمي: هل تتغير قواعد اللعبة؟
قد لا تُنافس Google Beam التطبيقات السائدة مثل Zoom أو Microsoft Teams من حيث الانتشار على الفور، لكنها تُمهد الطريق لتغيير جذري في الطريقة التي نفكر بها في التواصل المرئي.
نحن أمام تجربة تنقل الاجتماعات من العالم الرقمي المسطح إلى عالم ثلاثي الأبعاد ينبض بالحياة والتفاعل الحقيقي.
ومع تطور الذكاء الاصطناعي وانخفاض تكاليف العتاد، يمكن أن تصبح مكالمات فيديو ثلاثية الأبعاد جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، تمامًا كما حدث سابقًا مع مكالمات الفيديو العادية. الفرق الوحيد؟ هذه المرة، يبدو أن الحضور بات فعليًا، لا افتراضيًا.
Views: 0