لعبة ذا لاست أوف أس تُعد واحدة من أبرز الألعاب التي غيّرت شكل السرد القصصي في عالم الألعاب الإلكترونية.
تم تطويرها من قبل استوديو “نوتي دوغ” الشهير، وصدرت أول مرة في عام 2013 على منصة PlayStation 3، قبل أن تحصل على نسخ محسّنة للأجهزة الأحدث. وعلى الرغم من الشهرة الواسعة التي نالتها، لا تزال هناك العديد من الحقائق والمعلومات المثيرة التي لا يعرفها الكثير من اللاعبين عن لعبة ذا لاست أوف أس، والتي تجعلها أكثر عمقًا مما تبدو عليه للوهلة الأولى.
من أولى المفاجآت أن فكرة العدوى الفطرية التي تقف في صلب قصة لعبة ذا لاست أوف أس استُلهمت من وثائقي تابع لسلسلة Planet Earth، والذي عرض كيف يمكن لفطر “كورديسيبس” أن يسيطر على أدمغة الحشرات ويدفعها للتصرف بطرق غريبة قبل أن يموتوا. ما فعله مطورو لعبة ذا لاست أوف أس هو أنهم أخذوا هذا المفهوم العلمي الحقيقي وتخيّلوا سيناريو مرعبًا يتطور فيه هذا الفطر ليصيب البشر، ليخلق عالمًا ما بعد الكارثة لا مثيل له في تاريخ الألعاب.
قبل الإعلان الرسمي عن لعبة ذا لاست أوف أس، ظهرت إشارة خفية لها في لعبة أنشارتد 3، وتحديدًا في بداية اللعبة عندما يمكن رؤية صحيفة تحمل عنوانًا مثيرًا حول فطر غامض. لم ينتبه الكثير لهذه الإشارة حينها، لكنها كانت بمثابة تمهيد ذكي من “نوتي دوغ” للكشف عن مشروعهم الجديد.
في النسخة الأولية من القصة، كانت شخصية “تيس” مصممة لتكون الخصم الرئيسي الذي يطارد “جويل” و”إيلي”، حيث كانت مدفوعة برغبة في الانتقام. لكن تم تغيير هذا الاتجاه السردي لاحقًا لجعل القصة أكثر واقعية ومترابطة، مما منح لعبة ذا لاست أوف أس طابعًا دراميًا أعمق وأكثر إنسانية.
أما من الناحية الصوتية، فإن لعبة ذا لاست أوف أس اهتمت بأدق التفاصيل، حتى في المؤثرات الصوتية الصغيرة. فعلى سبيل المثال، تم تسجيل صوت شد وتر القوس الذي تستخدمه “إيلي” عبر تدوير مفاتيح ضبط آلة كمان قديمة، ما أضفى لمسة واقعية ساحرة على التجربة السمعية.
لا تخلو لعبة ذا لاست أوف أس من إشارات وإيماءات لألعاب نوتي دوغ السابقة. فمن بين هذه الإشارات، نجد ملصقات مزيفة لفيلم يدعى Dawn of the Wolf، والذي يُعتقد أنه سخرية من سلسلة Twilight. كذلك هناك ملصقات أخرى تشير إلى ألعاب مثل جاك آند داكستر، وهو ما يعكس الروح المرحة والحنين الذي يحمله المطورون في استوديو نوتي دوغ.
مشهد الزرافات الشهير الذي يظهر في نهاية الجزء الأول من لعبة ذا لاست أوف أس لم يكن مجرد لحظة عشوائية، بل كان رمزًا لاستمرار الحياة، والتوازن البيئي رغم الفوضى. وقد أُدرج المشهد بقصد إعادة إشعال شعلة الأمل في قلب “إيلي” بعدما مرت برحلة قاسية ومليئة بالخسائر.
ومن المثير أيضًا أن لعبة ذا لاست أوف أس كانت في بدايات تطويرها مجرّد تصور جديد للعبة جاك آند داكستر. لكن ومع تطور الفكرة والسرد، أدرك الفريق أن هذه القصة تستحق أن تكون مشروعًا مستقلًا، وهكذا وُلدت لعبة ذا لاست أوف أس كما نعرفها اليوم.
تفاصيل البيئة أيضًا في لعبة ذا لاست أوف أس تعكس كمًا هائلًا من العناية. فعلى جدران بعض العيادات أو الغرف المهجورة، يمكن رؤية لوحات فحص نظر تحتوي على رسائل سرية مخفية مثل: “Run, you’re nearly there, don’t quit!”، وهي إضافات تضيف طابعًا سينمائيًا للتجربة.
أخيرًا، لا يمكن تجاهل استخدام تقنيات التقاط الحركة المتقدمة في لعبة ذا لاست أوف أس، حيث ساعدت هذه التكنولوجيا في التقاط تعابير الوجه المعقدة وحركات الجسد بدقة عالية، مما جعل التفاعل العاطفي بين الشخصيات أكثر صدقًا وقوة.
في المجمل، لعبة ذا لاست أوف أس ليست مجرد لعبة، بل هي تجربة فنية وسردية متكاملة استطاعت أن تخلّد نفسها في ذاكرة اللاعبين. وإن كانت هذه الحقائق قد أدهشتك، فتأكد أن عالم لعبة ذا لاست أوف أس لا يزال يحتفظ بالكثير من الأسرار في تفاصيله الدقيقة، وربما هذا ما يجعلها واحدة من أروع إنتاجات الجيل الماضي والحاضر.
Views: 4